قوله تعالى: {وأحيط بثمره} أي: أحاط اللهُ العذابَ بثمره، وقد سبق معنى الثمر. {فأصبح يقلِّب كفيه} أي: يضرب بيد على يد، وهذا فعل النادم، {على ما أنفق فيها} أي: في جنته، وفي هاهنا بمعنى على. {وهي خاوية} أي: خالية ساقطة {على عروشها} والعُروش: السقوف، والمعنى: أن حيطانها قائمة والسقوف قد تهدَّمت فصارت في قرارها، فصارت الحيطان كأنها على السقوف، {ويقول يا ليتني لم أُشرك بربِّي أحداً} فأخبر الله تعالى أنه لما سلبه ما أنعم به عليه، وحقق ما أنذره به أخوه في الدنيا، ندم على شِركه حين لا تنفعة الندامة. وقيل: إِنما يقول هذا في القيامة. {ولم تكن له فئة} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: {ولم تكن} بالتاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: {ولم يكن} بالياء. والفئة: الجماعة {ينصرونه} أي: يمنعونه من عذاب الله.قوله تعالى: {هنالك الوَلاية} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وعاصم: «الوَلاية» بفتح الواو و{للهِ الحقِّ} خفضاً. وقرأ حمزة: {الوِلاية} بكسر الواو، و{لله الحقِّ} بكسر القاف أيضاً. وقرأ أبو عمرو بفتح الواو، ورفع {الحقُّ}، ووافقه الكسائيُّ في رفع القاف، لكنه كسر {الوِلاية}، قال الزجاج: معنى الولاية في مثل تلك الحال: تبيين نصرة وليِّ الله. وقال غيره: هذا الكلام عائد إِلى ما قبل قصة الرجلين. فأما من فتح واو {الوَلاية} فإنه أراد الموالاة والنصرة، ومن كسر، أراد السلطان والملك على ما شرحنا في آخر [الأنفال: 72]. فعلى قراءة الفتح، في معنى الكلام قولان:أحدهما: أنهم يتوَلَّون الله تعالى في القيامة، ويؤمنون به، ويتبرَّؤون مما كانوا يعبدون، قاله ابن قتيبة.والثاني: هنالك يتولَّى اللهُ أمرَ الخلائق، فينصر المؤمنين ويخذل الكافرين. وعلى قراءة الكسر، يكون المعنى: هنالك السُّلطان لله. قال أبو علي: من كسر قاف {الحقِّ}، جعله من وصف الله عزَّ وجلَّ، ومن رفعه جعله صفة للولاية.فإن قيل: لم نُعتت الولاية وهي مؤنثة بالحقِّ وهو مصدر؟ فعنه جوابان ذكرهما ابن الأنباري.أحدهما: أن تأنيثها ليس حقيقياً، فحُملت على معنى النصر؛ والتقدير: هنالك النصر لله الحقُّ، كما حُملت الصيحة على معنى الصياح في قوله: {وأخذَ الذين ظلموا الصيحةُ} [هود: 67].والثاني: أن الحقَّ مصدر يستوي في لفظه المذكَّر والمؤنث والاثنان والجمع، فيقال: قولك حق، وكلمتك حق، وأقوالكم حق. ويجوز ارتفاع الحق على المدح للولاية، وعلى المدح لله تعالى بإضمار هو.قوله تعالى: {هو خير ثواباً} أي: هو أفضل ثواباً ممن يُرجى ثوابه، وهذا على تقدير أنه لو كان غيره يثيب لكان ثوابه أفضل.قوله تعالى: {وخير عُقبا} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: {عُقُباً} مضمومة القاف. وقرأ عاصم، وحمزة: {عُقْباً} ساكنة القاف. قال أبو علي: ما كان على فُعُل جاز تخفيفه، كالعُنُق، والطُّنُب، قال أبو عبيدة: العُقُب، والعُقْب، والعُقْبى، والعاقبة، بمعنى، وهي الآخرة، والمعنى: عاقبة طاعة الله خير من عاقبة طاعة غيره.